أصوات المسلمين الحاسمة- تأثير متزايد في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

يشكل المسلمون في الولايات المتحدة شريحة سكانية متواضعة نسبيًا، إذ يقدر تعدادهم بما يتراوح بين 3.5 و4 ملايين نسمة من أصل 336 مليونًا يشكلون تعداد البلاد. وبالرغم من حجمهم المحدود، فمن المتوقع أن يكون لهم تأثير جوهري في الانتخابات الرئاسية القادمة، لا سيما في الولايات المتأرجحة أو الحاسمة، والتي تشمل بنسلفانيا وميشيغان وأريزونا ونيفادا وجورجيا وكارولينا الشمالية وويسكونسن. وتتميز هذه الولايات بتقارب شديد في نسب التأييد بين الحزبين الرئيسيين المتنافسين، وهما الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي.
تحظى هذه الولايات بأهمية قصوى في تحديد مسار ونتائج الانتخابات الرئاسية، وتشير التقديرات إلى أن عدد المسلمين المؤهلين للإدلاء بأصواتهم يبلغ حوالي مليوني ناخب، وذلك وفقًا لتقديرات مؤسسة "Targetsmart national verifier"، وهي جهة مرموقة معروفة بتزويد الأحزاب والمؤسسات المعنية بالإحصائيات الدقيقة للناخبين.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsترامب يوقع أمرا تنفيذيا لإلغاء وزارة التعليم
"مبعوث يسوع".. هل سيُدخل ترامب أميركا عصر الهيمنة المسيحية؟
في انتخابات عام 2020، لعب الناخبون المسلمون دورًا محوريًا في ترجيح كفة الميزان وحسم السباق الرئاسي. ففي ولايات مثل جورجيا وأريزونا على وجه الخصوص، حقق الرئيس بايدن فوزًا ضئيلًا في جورجيا بفارق 11,779 صوتًا فقط، في حين بلغ عدد الناخبين المسلمين المسجلين في الولاية في ذلك العام حوالي 70 ألف ناخب. وفي أريزونا، تمكن بايدن من الفوز بفارق 10,457 صوتًا، بينما بلغ تعداد الناخبين المسلمين فيها ما يقارب 60 ألف ناخب.
الجدول المرفق أدناه يوضح هذه الأرقام الحاسمة في ولايات الحسم الرئيسية.
تتسم الانتخابات الرئاسية المقبلة هذا العام بمنافسة شرسة في ولايات الحسم السبع، ويتضح الدور المتزايد للمسلمين كعامل مؤثر ومرجح في هذه الولايات.
يبذل المرشحون جهودًا مضنية لكسب تأييد مختلف شرائح الناخبين، وعلى رأسهم الناخبون المسلمون، الذين قد يكون لهم تأثير حاسم في تحديد نتائج الانتخابات.
تعد زيارة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى ولاية ميشيغان ولقاؤه عددًا من الأئمة، مؤشرًا جليًا على سعيه الحثيث لكسب ود وتأييد الجالية المسلمة. في المقابل، أوفدت نائبة الرئيس كامالا هاريس مستشاريها للقاء ممثلين عن الجالية الإسلامية في تلك الولايات.
تعكس هذه التحركات إدراكًا عميقًا من كلا الطرفين المتنافسين لأهمية أصوات المسلمين في الانتخابات، ما يسلط الضوء على الاعتراف المتزايد بالدور المحوري الذي يلعبه المسلمون في تشكيل مستقبل القيادة الأميركية.
الجدول أعلاه يوضح بجلاء مدى حدة التنافس المحتدم هذا العام، وكيف أن أصوات المسلمين قادرة على تحديد هوية الفائز في هذا السباق الرئاسي المصيري.
إن النمو المطرد والتواجد المكثف للمسلمين في ولايات أمريكية بارزة، مثل فلوريدا وتكساس، اللتين تتزايد أهميتهما باستمرار كولايات حسم في المستقبل القريب، يمنح الجالية المسلمة دورًا متناميًا ليس فقط في الانتخابات الرئاسية، بل أيضًا في السباقات المحلية الأخرى، مثل انتخابات مجلس الشيوخ وانتخابات حكام الولايات.
من شأن هذا التغير الديموغرافي أن يضفي قوة إضافية على الصوت الانتخابي للمسلمين، مما يتيح لهم تأثيرًا بالغًا في صياغة السياسات العامة للولايات المتحدة على الصعيدين المحلي والوطني.
على الرغم من النفوذ القوي الذي تتمتع به جماعات الضغط التقليدية، مثل اللوبي الصهيوني وتأثيره المادي في توجيه السياسة الخارجية الأميركية، فإن القوة الانتخابية للمجتمعات المختلفة، بما فيها المجتمع المسلم، تظل فعالة وحاسمة في تحديد المسار السياسي.
هذا الانتشار السكاني للمسلمين عبر ولايات حاسمة، إذا ما تم تنظيمه وتوجيهه بفاعلية، يمكن أن يكون عنصرًا مؤثرًا في تعزيز تمثيل القضايا التي تهم الجالية المسلمة على مختلف المستويات في السياسة الأميركية.
وقد قام مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (CAIR) بنشر استطلاع رأي للناخبين المسلمين على مستوى الولايات المتحدة الأميركية - ولم يقتصر على ولايات الحسم فحسب - وأظهر الاستطلاع أن 42٪ يفضلون مرشحة الحزب الأخضر جيل شتاين للرئاسة، بينما يفضل 41٪ نائبة الرئيس كامالا هاريس، وحصل الرئيس السابق دونالد ترامب على 10٪ من الأصوات.
الجدير بالذكر في هذا الاستطلاع هو أن نسبة أولئك الذين يعتزمون التصويت في انتخابات الثلاثاء بلغت 95٪، وهي نسبة غير مسبوقة في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأميركية إذا ما صدقت هذه التوقعات.
هناك إجماع ساحق بين جميع المنظمات الأميركية الإسلامية على الأهمية القصوى للتصويت في هذه الانتخابات، وقد أكدت على ذلك معظم المساجد والمراكز الإسلامية، وحث العديد من الدعاة والمشايخ الجالية الإسلامية على المشاركة الفعالة في انتخابات هذا العام؛ لما لها من أهمية بالغة ليس فقط على المستوى المحلي، بل أيضًا لتأثير نتائجها المحتمل على أهلنا في غزة وفلسطين بشكل خاص، والعالم الإسلامي بشكل عام.
الجميع متفقون على حدة التنافس الشديد في هذه الانتخابات، والجميع يدرك تمام الإدراك مدى الاستقطاب السياسي الحاد في المجتمع الأميركي، ولذلك، وكما ذكرنا سابقًا، فإن أصوات المسلمين تُعد حاسمة ومصيرية، لا سيما في ولايات الحسم السبع.
يُتوقع أن يحمل يوم الانتخابات المقبل مفاجآت جمة، لا سيما مع وجود مرشح مثير للجدل مثل دونالد ترامب. وبرأيي الشخصي، وبصفتي متابعًا مهتمًا بهذا الحدث الهام، أرى أن ولاية ويسكونسن هي التي ستحسم هوية الفائز في هذا السباق الانتخابي الأكثر أهمية والأوسع تأثيرًا على الإطلاق.